طالب أكاديميون ومختصون شاركوا في يوم دراسي حول اللغة العربية والإعلام بتشكيل طواقم عمل مختصة لعلاج الضعف في اللغة العربية في جميع المراحل العمرية، ولفتوا إلى أهمية توحيد جهود المؤسسات التعليمية والتربوية، ووسائل الاتصال والإعلام، والاهتمام باللغة العربية، وإعداد البرامج الهادفة إلى زرع محبة اللغة في نفوس الأفراد، ونشر مفاهيم الدراسات اللغوية المعاصرة.
جاء ذلك خلال اليوم الدراسي الذي نظمه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين –فرع فلسطين بالتعاون مع قسمي اللغة العربية والصحافة والإعلام بالجامعة الإسلامية والمكتب الإعلامي الحكومي، وانعقد اليوم الدراسي تحت عنوان: “اللغة العربية والإعلام” في قاعة المؤتمرات العامة بمبنى طيبة للقاعات الدراسية بالجامعة، وحضره فضيلة الدكتور مروان أبو راس –رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين –فرع فلسطين، والأستاذ الدكتور وليد عامر –عميد كلية الآداب، والأستاذ الدكتور جهاد العرجا –رئيس اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي، والأستاذ غسان رضوان –ممثل عن المكتب الإعلامي الحكومي، والأستاذ محمد عوض –عريف اليوم الدراسي، وجمع كبير من الأدباء والكتاب وقادة الفكر والإعلاميين، وممثلون عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمكتب الإعلامي الحكومي، والمؤسسات التعليمية والتربوية والإعلامية، وأعضاء من هيئتي التدريس بقسمي اللغة العربية والصحافة والإعلام، وحشد من طلبة الجامعة.
الجلسة الافتتاحية
بدوره، لفت فضيلة الدكتور أبو راس إلى أن اللغة العربية لغة محببة وتعالج المخارج والصوتيات ولها علاقة بكل ما يحتاجه المخاطب والسامع، وأكد بوجود ضعف عام في اللغة العربية وهو ما يستوجب تشكيل طواقم عمل مختصة لعلاج الضعف والقصور في اللغة العربية عند الكبار والصغار، وأوضح فضيلة الدكتور أبو راس أن اللغة العربية لغة العصر ولغة الحضارة الإسلامية، مشيراً إلى أن ممارسة اللغة لا بد أن تكون منسجمة مع اللغة العربية الأصيلة، ووقف فضيلة الدكتور أبو راس على جملة من الأمور تسهم في الارتقاء باللغة العربية، منها: تعزيز المطالعة، والبدء في تطوير الأداء من خلال التواصل مع الأجيال لإخراج أجيال قوية متمسكة باللغة العربية، وعقد دورات تدريبية حول ممارسة اللغة العربية، وبين فضيلة الدكتور أبو راس أهمية الدور الملقى على عاتق الإعلامي، وأضاف ما نريده هو الإعلامي القوي المتمكن من لغته العربية وليس شرطاً أن يكون عالماً في اللغة.
سيدة لغات العالم
من جانبه، أشار الأستاذ الدكتور عامر إلى أن اللغة العربية لغوياً تعد سيدة لغات العالم في أصواتها وموسيقية في ألفاظها، موضحاً أن تراكيب اللغة العربية نحوياً تعد من أقوى وألين وأسهل تراكيب اللغات في العالم، وبين الأستاذ الدكتور عامر أن اللغة العربية هي اللغة العالمية الأولى بشهادة العلماء الأجانب قبل العرب، وأنها تمثل لغة الضاد ولغة القرآن الكريم باعتبارها واحدة من ست لغات مقدسة، وأكد الأستاذ الدكتور عامر أن الوصول إلى النجاح والشهرة محلياً وعالمياً يتطلب التمسك باللغة العربية الفصحى في التواصل بين مختلف شرائح المجتمع، وثمن الأستاذ الدكتور عامر دور الجهات الداعمة والمشاركة في اليوم الدراسي، وأشاد بحرصهم على إعلاء شأن اللغة العربية عن طريق دعم الإعلام العربي بما يسهم في إيصال رسالة الفلسطينيين إلى العالم بلغة واضحة وسهلة.
وعاء الفكر
من ناحيته، أفاد الأستاذ الدكتور العرجا أن اللغة العربية تمثل وعاء الفكر وأداة الاتصال والتفاهم بين أبناء البشر، وتابع حديثه قائلاً: “وبدون لغة خاصة لأي أمة من الأمم لا يمكن أن تشكل هذه الأمة حضارة، أو أن يكون لها فكرها الخاص بها”، وبين الأستاذ الدكتور العرجا أن اللغة ليست وسيلة للتعبير فقط، بل هي وسيلة لتشكيل الثقافة وتحديد الهوية وبناء الشخصية، وأن اللغة العربية من أهم اللغات الإنسانية التي حملت إلى بني البشر عبر العصور، وذكر الأستاذ الدكتور العرجا أن وسائل الإعلام تؤثر تأثيراً مباشراً على لغات الناس وطريقة استعمالهم للغة؛ لأنها تدخل كل بيت ويستمع إليها ويقرؤها كل إنسان، وبين أنه قد يؤثر على برنامج إذاعي أو مرئي يُقدم في دقائق ما لا تؤثره عشرات الكتب وهو ما يستوجب ربط اللغة العربية بالإعلام للإعلاء من شأنها والمحافظة عليها.
لغة العروبة والإسلام
وأوضح الأستاذ رضوان أن الهدف الرئيس من عقد اليوم الدراسي يكمن في المحافظة على سمة اللغة العربية التي تمثل لغة العروبة والإسلام، مشيراً إلى أهمية تكاثف الجهود من أجل الرقي والنهوض بها من جانب، والمحافظة عليها والاعتزاز بها من جانب آخر، واستعرض الأستاذ رضوان مجموعة من الدراسات التي تجمع على دور الإعلام في التأثير على تصور الجماهير، والإسهام في زيادة الرصيد المعرفي لدى الناس، ودور اللغة سواء أكانت منطوقة أو مسموعة أو مكتوبة في تشكيل الرابط والأساس بين الإعلام والمجتمع.
الجلسة الأولى
وفيما يتعلق بالجلسات العلمية لليوم الدراسي، فقد انعقد اليوم الدراسي على مدار ثلاث جلسات علمية حيث ترأس الجلسة العلمية الأولى الأستاذ الدكتور العرجا، وقدم الأستاذ الدكتور عبد الخالق العف –عضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية بالجامعة- ورقة عمل بعنوان: “لغة الإعلام بين الفصحى والعامية”، وبين أهمية الحرص على اكتساب المهارات اللغوية بالممارسة العملية والابتعاد عن النحو التفكيكي المعياري، ومسائله الخلافية؛ لتجنب الوقوع في مصيدة الخلافات النحوية التي أثقلت كاهل اللغة وأتعبت دارسيها دون طائل، وطالب الأستاذ الدكتور العف المجامع العربية في كافة أقطار الوطن العربي بمراقبة الخطاب الإعلامي وذلك عن طريق استصدار نص تشريعي يتيح لها ذلك وذلك من أجل إصلاح وضع اللغة العربية في وسائل الإعلام، واستعرض الدكتور أيمن حجي –عضو هيئة التدريس في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية- أكثر الأخطاء شيوعاً لدى مقدمي البرامج، وقدم عرضاً لمجموعة من النماذج التي تبرز الأخطاء الشائعة في لغة الإعلام وتصحيحها، وتناول الدكتور عماد المصري –أستاذ العلوم اللغوية المتفرغ بجامعة الأقصى- وسائل الإعلام والتنمية اللغوية، وذكر أن تنمية اللغة العربية ليست عملية لفظية خالصة، وليست غايتها تحسين اللغة لذاتها، وإنما تشكل تنمية اللغة العربية جزءاً من التنمية البشرية الشاملة، وشاركت الأستاذة ميادة مهنا –عضو هيئة التدريس بقسم الصحافة والإعلام بالجامعة- بورقة عمل بعنوان: “مخاطر اللغة الثالثة .. ولغة الضاد تتحدى”، وتحدثت عن العلاقة بين اللغة والإعلام، وعن الآثار الإيجابية للغة الإعلام الجديد، وتطرقت الأستاذة مهنا إلى مخاطر لغة الإعلام الجديد على لغة الضاد، ومنها انتشار العامية بلهجاتها المختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أدخل ألفاظاً غير سليمة، وأخرى متأثرة بلغات أخرى مثل الإنجليزية والفرنسية، وتكاثر الأخطاء النحوية، وكتابة بعض حروف اللغة العربية بالحروف اللاتينية.
الجلسة الثانية
وبخصوص الجلسة العلمية الثانية لليوم الدراسي فقد ترأسها الدكتور محمد أبو غفرة –أستاذ علوم اللغة المساعد بجامعة الأزهر، وتحدث الأستاذ الدكتور العرجا عن تأهيل طلاب الإعلام لغوياً، وأشار إلى أن وسائل الإعلام سلاح خطير ذو حدين، حيث إنها تؤثر تأثيراً بالغاً في عقول المتلقين ولغتهم، وهو يسهم مساهمة فعالة في التأثير على لغات الناس وطريقة استعمالهم للغة، ووقف الأستاذ يوسف البطش –عضو هيئة التدريس بجامعة الأقصى- على الأخطاء اللغوية في الصحافة الفلسطينية، وتناول الأخطاء اللغوية وأسبابها، وأوصى الأستاذ البطش بتدشين مساق دراسي ضمن خطة قسمي اللغة العربية والصحافة والإعلام يتناول الأخطاء اللغوية الشائعة نظرياً وتطبيقياً، وعرض الدكتور إبراهيم بخيت –عضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية بالجامعة- ورقة عمل حول كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية، ووقف على ماهية الكتابة بحروف لاتينية، موضحاً الحدود البشرية، والمكانية، والزمانية لتلك الكتابة، وتحدث الدكتور بخيت عن سبب انتشار الكتابة بحروف لاتينية من وجهة نظر المستخدمين، وقدم الأستاذ زاهر البيك –باحث- ورقة عمل حول التعريب في وسائل الإعلام العربية، وعرف التعريب لغةً واصطلاحاً، واستعرض الأستاذ البيك متطلبات استعمال اللغة العربية في الإعلام، وعوامل استعمال مفردات اللغة الأجنبية في وسائل الإعلام العربية.
الجلسة الثالثة
وترأس الجلسة العلمية الثالثة لليوم الدراسي الدكتور المصري، وشارك الدكتور أبو غفرة بورقة عمل حول إلغاء حركات الإعراب وتسكين أواخر الكلمات، ولفت إلى إن الميل إلى التسكين لا يشكل الخطر الأكبر على لغة الإعلام وذلك أن الوقف، والسكتات القصيرة، تكون مسوغاً للتسكين- ولا يعني هذا إجمال حركات الإعراب باعتبارها دوال على المعاني التركيبية، وتناول الدكتور حسين العايدي –عضو هيئة التدريس بجامعة الأقصى- أزمة اللغة العربية ووسائل الإعلام، ودور الإعلام في تحسين اللغة أو الإساءة إليها، ودعا الدكتور العايدي وسائل الإعلام إلى الارتقاء بلغة الخطاب من خلال اللجوء إلى التعبيرات المباشرة السهلة، والاهتمام بإثراء مفردات اللغة العربية، وتحدث الأستاذ محمد العجلة –باحث- عن الأخطاء اللغوية في الكتابة الصحفية، وعن أهمية التزام الصحافة بالقواعد اللغوية، والقواعد اللغوية اللازمة للكتابة الصحفية، ووقف الأستاذ العجلة على إبراز القواعد النحوية اللازمة للكتابة الصحفية، واستعرضت الأستاذة سامية سكيك –مديرة مدرسة زهرة المدائن الثانوية للبنات- ورقة عمل بعنوان: “لغتنا الجميلة بين مطوقة الإعلام وسندان العولمة”، ولفتت إلى دافع اللغة العربية في وسائل الإعلام في فلسطين، ومستقبل اللغة العربية في ظل العولمة، ومظاهر العولمة اللغوية.