
عقد مركز التاريخ الشفوي والتراث الفلسطيني بكلية الآداب بالجامعة الإسلامية وتجمع حكماء فلسطين اللقاء العلمي الثالث الموسوم “التاريخ الشفوي ودوره في رصد حركة اللاجئين الفلسطينيين من النكبة إلى العودة ( سوريا نموذجاً )”، والذي استضاف فيه الباحث والصحفي الفلسطيني أحمد مصطفى الباش المتخصص في شؤون اللاجئين وتوثيق الذاكرة الشعبية الفلسطينية.
ويأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة لقاءات علمية ينظمها المركز تمهيدًا لمؤتمره العلمي الثاني الذي من المقرر تنظيمه يومي التاسع والعاشر من أكتوبر القادم.
وأدار اللقاء الأستاذ الدكتور رياض شاهين- رئيس مركز التاريخ الشفوي والتراث الفلسطيني، وذلك بحضور الأستاذ الدكتور أسامة حماد-عميد كلية الآداب، ومعالي اللواء مصباح صقر- رئيس تجمع حكماء فلسطين، ولفيف من العلماء والمختصين والمفكرين.
وافتتح الأستاذ الدكتور شاهين اللقاء مُرحِباً بالضيف الباش ومُعرِفاً به، بكونه من مواليد مخيمات الشتات عام 1963، وتم تهجيره هو وعائلته من طيرة حيفا ويقيم حالياً في مدينة هلسينغبورغ جنوب السويد، مضيفاً: “إنه عضو الإتحاد العام للكُتًاب والصحفيين الفلسطينيين، وعضو اتحاد الكتّاب والمترجمين السويديين، وتم تسليمه خلال مسيرته المهنية عدة مناصب من أهمها مسؤول قسم التاريخ الشفوي في تجمع عودة الفلسطيني واجب في سوريا”.
من ناحيته، شكر الأستاذ الباش القائمين على هذه اللقاءات المتواصلة من أجل التشبيك والإضاءة على الجانب الهام من التاريخ الفلسطيني، وقال: “إن النكبة الفلسطينية تركت آثارها على الشعب الفلسطيني من نواحي الحياة كافة، من ناحية الأرض ومن ناحية الشعب، ومن النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فقد أضاعت 78% من أرض فلسطين، وإحدى عشرة مدينة كانت نابضة بالحياة، وخمسمائة وسبع وسبعين قرية فلسطينية، وأربعين عشيرة”.
وأوضح الأستاذ الباش أنه في عام 1948 اُسِست في سوريا ستة مخيمات للاجئين، توزعت على المدن الأساسية، وفي عام 1967 تأسست أربع مخيمات أخرى، فأصبحت عشر مخيمات أسستها الأونروا في سوريا، وقامت الحكومة السورية ممثلة في الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين بتأسيس خمس مخيمات أخرى ليصبح عدد المخيمات الفلسطينية في سوريا خمسة عشر مخيمًا.
وأردف الأستاذ الباش:”إنَّ تسعة من هذه المخيمات معترف بها من قبل الأونروا، فقد قامت بإنشائها وخدمتها من جميع جوانب الحياة، وخمسة غير معترف بها، ولكن تخدمها من حيث التعليم والصحة، وقد أنشأتها الحكومة السورية، وتم تدمير ثلاثة مخيمات منها نتيجة الحرب عام 2011″.
وأشار الأستاذ الباش إلى أن أول من بدأ في عملية التوثيق والتاريخ الشفوي هم كُتًاب التراث الشعبي، في ثمانينيات القرن الماضي، منهم الدكتور حسن الباش، والأستاذ عوض عوض، والدكتورة نجلاء الخضر وغيرهم، من أجل عملية البحث والكتابات لا من أجل الأرشفة، بالإضافة إلى من استثمر التاريخ الشفوي من أجل الأدب والشعر والأغاني الوطنية والعرس الفلسطيني”.
وأكمل:”مع انطلاقة انتفاضة الأقصى، أصبحت لجان حق العودة لجانًا مستقلة، وهذه اللجان أصبحت تضع موضوع التاريخ الشفوي نُصب أعينها للعمل فيه، فانبثقت من هذه اللجان مؤسسات احترفت موضوع التاريخ الشفوي مثل دار الشجرة، ومجموعة عائدون، وتلفزيون فلسطين، وإذاعة القدس وغيرها”.
وبيَن الأستاذ الباش أن أهم هذه المؤسسات هو “تجمع العودة واجب” في سوريا، فقد أقام للتاريخ الشفوي قسماً خاصاً، وتتكامل فيه كل عناصر التوثيق اللازمة، مثل: كاميرات الفيديو وغيرها، وأضاف: “كان عمل سبع سنوات متواصلة أثمرت عن مئات اللقاءات مع شهود النكبة الفلسطينية، تقترب من 800 لقاء من كافة القرى الفلسطينية المتواجد أبناؤها في سوريا، وكان أول كتاب لي طيرة حيفا كرمليّة الجّذور فلسطينية الانتماء”.
وأوضح الأستاذ الباش أنه نظرًا لعدم وصول هذه المعلومات للأطفال، قام هو ومجموعة من الباحثين والمختصين بالقصة بإصدار مجموعتين قصصيتين عن القرى الفلسطينية، تحتوي على رسومات وصور مبسطة يسهل فهمها.
واختتم الأستاذ الباس حديثه بأهمية وجود حاضنة للتاريخ الشفوي، توزع فيها النتاجات، ويتم فيها تبادل الخبرات، ويكون هناك استثمار حقيقي، والعمل على تدارك السلبيات، والبناء على الإيجابيات.